الابتكار الحكومي ( الابتكار في القطاع الحكومي )

مقدمة

يركز الابتكار في القطاع الحكومي على تطوير واختبار وتنفيذ الأفكار المبتكرة التي تحقق منفعة عامة. يمكن أن يتجسد الابتكار في شكل منتجات جديدة أو خدمات جديدة أو تحديث عمليات قائمة أو اقتراح سياسات جديدة. يمكن أيضًا أن يكون الابتكار عبارة عن تفكير مبتكر لمواجهة تحدي بطرق جديدة أو التوقف عن ممارسات غير فعالة (مثال: إعادة تقييم بعض الوظائف القديمة أو غير الضرورية حاليًا). وبالتالي، يعتمد الابتكار الفعال في القطاع الحكومي على مبدأ التطوير المستمر والنظر إلى الخدمات الحكومية من منظور المتعاملين، أي المواطنين، ويستند إلى مبدأ الشراكة بين الحكومة والمواطنين لإيجاد الحلول المناسبة وتقديم خدمة أفضل.

مفهوم الابتكار الحكومي

الابتكار الحكومي يشير إلى استخدام الأفكار والتكنولوجيا الجديدة والمنهجيات الإبداعية في تطوير وتحسين السياسات والخدمات الحكومية. يهدف الإبتكار الحكومي إلى تحقيق التغيير والتطوير في القطاع الحكومي من أجل تحقيق الفوائد العامة وتلبية احتياجات المواطنين والمجتمع.

يتضمن الإبتكار الحكومي تصميم وتنفيذ سياسات جديدة، واستخدام التقنيات الحديثة، وتطبيق أفضل الممارسات، وتحسين العمليات الإدارية، وتطوير خدمات مبتكرة تلبي توقعات المستفيدين. يهدف الابتكار الحكومي إلى تعزيز كفاءة الجهاز الحكومي ورفع جودة الخدمات المقدمة وتحقيق التحول الرقمي والتنمية المستدامة.

باختصار، يعني الإبتكار الحكومي تطبيق الأفكار والتقنيات الجديدة لتحقيق تحسين مستمر في الأداء الحكومي وتلبية احتياجات وتطلعات المواطنين والمجتمع بشكل عام.

يرتكز نجاح الابتكار على دمج هذه الأفكار الجديدة مع الأنظمة والعمليات القائمة، ورصد النتائج على المدى البعيد لتحديد الحلول الناجحة. يرتبط الابتكار أيضًا بالأفراد والموارد والأنظمة، ويمكن إدارة هذا النشاط وتعزيزه على مختلف مستويات الحكومة بنظرة أن الجميع لديه القدرة على الابتكار.

أساليب ومستويات الابتكار الحكومي

تتمثل الابتكارات في العمل الحكومي في عدة أساليب ومستويات، بما في ذلك:

  1. الابتكار في الخدمات: تقديم خدمات جديدة ومحسّنة للمواطنين.
  2. الابتكار في تقديم الخدمات: تبني أساليب جديدة أو مختلفة لتقديم الخدمات.
  3. الابتكار الإداري أو التنظيمي: تطوير آليات جديدة تسهل وتحسّن وصول المواطنين إلى الخدمات.
  4. الابتكار المفاهيمي: التفكير بطرق جديدة لمواجهة التحديات وتحدي المفاهيم الحالية.
  5. الابتكار في السياسات: تغيير في طريقة التفكير المعتادة عند وضع السياسات.
  6. الابتكار الشامل: تطوير أساليب جديدة ومتقدمة لتفاعل الأقسام الحكومية المختلفة مع المعنيين.

 

الابتكار التشاركي

هناك العديد من الأمثلة الملهمة للابتكار في القطاع الحكومي. وفقًا لمجلة Wired، يُعتبر المجتمع الإستوني الأكثر تقدمًا في العالم من حيث الابتكار الرقمي. تم تحقيق ذلك بفضل استثمار الحكومة الإستونية في حلول تكنولوجيا المعلومات على مدى العقدين الماضيين، بدءًا من الحوكمة الإلكترونية في عام 1997، والضرائب الإلكترونية في عام 2000، والسلامة العامة في عام 2007، والتعاملات الرقمية والرعاية الصحية الإلكترونية في عام 2008، وتأشيرات الإقامة الإلكترونية في عام 2014. وبفضل هذه الجهود، أصبحت إستونيا دولة إلكترونية آمنة تقدم خدمات إلكترونية تلقائية متاحة على مدار الساعة.

تحققت في البرتغال خطوات كبيرة في مجال الابتكار الحكومي منذ طرح منصة SIMPLEX للابتكار التشاركي في عام 2006. تعمل هذه المنصة على تبسيط الآليات الحكومية وتحقيق نتائج قابلة للقياس من خلال تقديم مبادرات حكومية تهدف لتبسيط الإجراءات والآليات على أساس سنوي. وتستقبل المنصة أيضًا أفكار ومقترحات الموظفين الحكوميين والمجتمع والشركات والمؤسسات من خلال “جائزة Simplex للأفكار” وغيرها من آليات المشاركة العامة. تساهم هذه المنصة في وضع البرتغال على المسار الصحيح نحو التحديث والابتكار.

فيما يتعلق بمدينة بوسطن، فقد اتخذت الحكومة هناك خطوة مبتكرة لإشراك أفراد المجتمع في إدارة شؤون المدينة اليومية. بفضل مبادرة “ميزانية بوسطن للشباب”، تخصصت مبلغًا من ميزانية الحكومة قدره مليون دولار أمريكي ليتمكن الشباب من إدارة وتوجيه هذا المبلغ في تطوير المدينة. تسهم مثل هذه المشاريع في خلق شعور بالمشاركة المجتمعية وتعزيز الانتماء، بالإضافة إلى فتح المجال أمام الأفكار الإبداعية والمبتكرة التي تعزز جاذبية المدينة للعيش.

هناك العديد من الأمثلة الرائعة للابتكار الحكومي حول العالم. وبينما يلعب الاستخدام المبتكر للتكنولوجيا دورًا هامًا في تحقيق هذه المبادرات، إلا أن الابتكار في الحكومة ليس مقتصرًا فقط على التكنولوجيا. فالحكومات اليوم تتبع نمطًا مختلفًا في تحقيق القيمة العامة وتطوير الخدمات الحكومية، مما يجعلها مبتكرة بمعنى شامل وشمولي.

عوامل ترسيخ ثقافة الابتكار في القطاع الحكومي

لترسيخ ثقافة الابتكار في القطاع الحكومي، ينبغي أن تأخذ الجهات الحكومية بعض العوامل الأساسية في الاعتبار:

  1. التفكير الاستراتيجي المتكامل: يجب أن يكون للابتكار أولوية واضحة في الخطط الاستراتيجية للحكومة. يجب أن توفر الجهات الحكومية خططًا استراتيجية مفصلة تهدف إلى تحقيق الابتكار وتنفيذ الحلول المبتكرة.
  2. تدفق المعلومات: يجب تعزيز تدفق المعلومات والشفافية في العمليات الحكومية. يساهم التدفق الحر للمعلومات في تعزيز الابتكار وتبادل المعرفة.
  3. إدارة المخاطر: يجب إدارة المخاطر بشكل جيد لتسهيل عملية الابتكار في الحكومة. يجب تقدير المخاطر المرتبطة بالابتكار وتطوير استراتيجيات للتعامل معها.
  4. القيادة: يجب على القادة الحكوميين دعم وتعزيز الابتكار وترسيخ ثقافة الابتكار في المؤسسات التي يشتغلون بها. يجب أن يكون للقادة مهارات لتيسير عملية الابتكار وإدارة التغيير.
  5. التقنيات الحديثة: ينبغي استخدام التقنيات الحديثة لتعزيز الابتكار في الحكومة. يمكن أن تسهم التقنيات الحديثة في تحسين التواصل وتعزيز الخدمات المقدمة للأفراد.

باعتبار هذه العوامل، يمكن للحكومات تعزيز ثقافة الابتكار وتحقيق التقدم في خدمة المجتمع. إن الابتكار يلعب دورًا حاسمًا في تحسين كفاءة الحكومة وتطوير الخدمات العامة لصالح المجتمع.

الابتكار الحكومي فى دولة الامارات

;تعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة من الدول الرائدة في مجال الإبتكار الحكومي. وتتميز بتبنيها لمبادرات واستراتيجيات تهدف إلى تعزيز الابتكار وتطوير الخدمات الحكومية. فيما يلي بعض الأمثلة على الابتكار الحكومي في دولة الإمارات:

  1. منصة الابتكار الحكومي: أطلقت حكومة الإمارات منصة “الابتكار الحكومي” بهدف تشجيع الموظفين الحكوميين على تقديم الأفكار المبتكرة والحلول الجديدة لتحسين الخدمات الحكومية وتعزيز كفاءتها.
  2. مبادرة “الإمارات للابتكار الحكومي”: تهدف هذه المبادرة إلى تشجيع التعاون بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص والأكاديمي لتطوير حلول مبتكرة لتحسين الخدمات الحكومية وتعزيز التنمية الاقتصادية.
  3. مركز دبي للابتكار الحكومي: يعمل المركز على تعزيز ثقافة الابتكار في القطاع الحكومي من خلال تقديم التدريب والتطوير وتوفير المنصات للتعاون والتبادل المعرفي بين الجهات الحكومية.
  4. مشروع “ذكاء الإمارات”: يهدف المشروع إلى تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي والتحليلات الضخمة في الحكومة لتحسين الخدمات واتخاذ القرارات الذكية وتعزيز التفاعل مع المواطنين.
  5. استراتيجية الحكومة الذكية: تهدف استراتيجية الحكومة الذكية في الإمارات إلى تحويل الخدمات الحكومية التقليدية إلى خدمات ذكية قائمة على التكنولوجيا لتحسين تجربة المواطنين والمقيمين.

تتمتع دولة الإمارات بقيادة حكومية رؤوساء في الابتكار، وتعتبر الابتكار والتطور التكنولوجي من أولوياتها الرئيسية. تلك الجهود تساهم في تطوير القطاع الحكومي وتعزيز التنمية المستدامة في البلاد.

الابتكار الحكومي فى المملكة العربية السعودية

تولي المملكة العربية السعودية اهتمامًا كبيرًا للابتكار الحكومي وتطوير الخدمات الحكومية بشكل مستمر. وتتبنى الحكومة السعودية عددًا من المبادرات والاستراتيجيات لتعزيز الابتكار وتحسين أداء الجهات الحكومية. فيما يلي بعض الأمثلة على الابتكار الحكومي في المملكة العربية السعودية:

  1. برنامج تحقيق الرؤية الوطنية 2030: يهدف البرنامج إلى تحقيق تحول شامل في جميع قطاعات الحكومة السعودية، من خلال تعزيز الابتكار وتطبيق التقنية وتحسين الخدمات الحكومية لتحقيق التنمية المستدامة وتحقيق رؤية المملكة 2030.
  2. الأمانة العامة لمجلس الوزراء: تعمل الأمانة العامة على تعزيز الابتكار الحكومي من خلال تطوير السياسات والإجراءات الحكومية وتحسين كفاءة الأداء الحكومي وتبسيط الإجراءات لتحقيق رؤية المملكة.
  3. مركز الملك سلمان للابتكار الحكومي: يهدف المركز إلى تعزيز ثقافة الابتكار في القطاع الحكومي وتطوير قدرات الموظفين وتوفير المنصات والبرامج لتبادل المعرفة والخبرات وتعزيز التعاون بين الجهات الحكومية.
  4. مشروع “إنسان”: يعمل المشروع على تحسين تجربة المستفيدين من الخدمات الحكومية من خلال تطوير نظام متكامل يسهل ويسرع إجراءات تقديم الخدمات ويعزز التواصل والتفاعل بين المواطنين والحكومة.
  5. الهيئة العامة للمعلومات المدنية: تهدف الهيئة إلى تطوير وتحسين الخدمات الحكومية المقدمة للمواطنين من خلال استخدام التقنية والابتكار، مثل تطبيقات الهوية الرقمية والخدمات الإلكترونية الذكية.

تعكس هذه الأمثلة التزام الحكومة السعودية بتعزيز الابتكار الحكومي وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين، وتؤكد التزامها بالتطور التكنولوجي وتحقيق رؤية المملكة العربية السعودية 2030.