المسؤولية المجتمعية
يعد مفهوم المسؤولية المجتمعية من المفاهيم الحديثة في مجتمعاتنا العربية مصطلحا وتنظيما، وظهر بشكل مبكر في الدول الغربية، نتيجة لاحتياج المجتمع المدني له، فالمسئولية المجتمعية واحدةً من دعائم الحياة المجتمعية الهامة ووسيلة من وسائل تقدم المجتمعات، حيث تقاس قيمة الفرد في مجتمعه بمدى تحمله المسئولية تجاه نفسه وتجاه الآخرين.
ولقد عرف البنك الدولي مفهوم المسؤولية المجتمعية على أنها التزام أصحاب النشاطات التجارية بالمساهمة في التنمية المستدامة من خلال العمل مع موظفيهم وعائلاتهم ومجتمعهم المحلي لتحسين مستوى معيشة الناس بأسلوب يخدم التجارة ويخدم التنمية في آن واحد.
والمسؤولية المجتمعية من وجهة نظري هي شراكة قائمة بين مؤسسات القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المختلفة لتحقيق التنمية المستدامة في الجوانب التعليمية والصحية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية. ومن أجل أن نطور مفهوم المسؤولية المجتمعية يجب علينا أن نهتم بتنميتها في مؤسسات المجتمع ومنها الأسرة إذ تعد الأسرة الركن الأول في غرس قيم المسؤولية المجتمعية لدى الأبناء، وذلك من خلال نتائج الدراسات التي تشير بأن الطفل يتشكل بنسبة 80٪ من قيمه داخل محيط الأسرة. كما تلعب مؤسسات التربية بعمومها دورا هاما وبارزا في تنمية مفهوم المسؤولية المجتمعية في إطار بناء قيم المجتمع الاجتماعية والوطنية والبيئية والصحية من خلال الكتب المدرسية والبرامج التعليمية والأنشطة الطلابية.
ويعد دور مؤسسات الإعلام في تشكيل وتنمية المسؤولية المجتمعية فاعلا وهاما من خلال طرح مواضيع ذات علاقة بالمسؤولية المجتمعية وإبراز دور المؤسسات التي تساهم في هذا المجال، إضافة لدوره الكبير في نشر التجارب الناجحة في المجتمع. وللجامعات دور في تشكيل وتنمية المسؤولية المجتمعية من خلال تدريسها في الكليات وإعداد البحوث وبرامج النشاط الطلابي المناسبة بالشراكة مع مؤسسات المجتمع الأخرى كما أن الجامعات تستطيع أن تنظم المؤتمرات العلمية لتطوير المسؤولية المجتمعية، وللقطاع الخاص دور مؤثر ومعزز في تنمية المسؤولية المجتمعية من خلال التنمية الوطنية المستدامة والجهود التي يقدمها ويساهم فيها ولكن مفهوم المسؤوليه المجتمعية غير حاضر بشكل فاعل في مؤسسات القطاع الخاص.
وسوف نعرض آليات العمل المقترحة تجاه المسؤولية_المجتمعية في القطاع الخاص في دولة الإمارات:
أولا:- الجوانب التعليمية والتربوية:
ــ نستطيع من خلال المسؤولية_المجتمعية للقطاع الخاص إنشاء بعض مباني مدارس التعليم العام والكليات الأهلية غير الربحية والتي تعمل على تعليم الطلاب والطالبات في التخصصات التي يحتاجها الوطن.
ــ إنشاء المعاهد المتخصصة لتعليم الحاسب الآلي للحصول على الرخصة الدولية واللغة الانجليزية بدون مقابل أو بمبلغ رمزي وتدريب الطلاب في فترة الصيف على مهارات حياتية مهمة يحتاجونها مثل مهارة البيع والشراء ومهارة تعلم إصلاح الكهرباء والسيارات.
ــ دعم الطلاب المتفوقين من خلال برامج تدريبية داخليا وخارجيا فالكثير من الطلاب المتفوقين بحاجة إلى دعم ومساندة من خلال رعاية تفوقهم ورعاية المبتكرات والاختراعات لطلابنا وطالباتنا المميزة.
ــ ابتعاث الطلاب والطالبات للدراسة في الخارج على حسابها وخاصة في التخصصات العلمية وإنشاء كراسي البحث العلمي في الجامعات ودعمها لتحقيق أهدافها البحثية والتعليمية.
ــ و دعم برامج الإعاقة وذوي الاحتياجات الخاصة في المدارس والجامعات وتوفير جميع ما يحتاجه الطالب لتطوير قدراته العلمية.
ــ تشجيع البحث العلمي من خلال رصد ميزانيات سنوية في مجال التعليم لتطويره وإيجاد برامج تدريبية تنتهي بتوظيف الطلاب والطالبات بعد تخرجهم وهذا سوف يساهم في التحاق الكثير منهم ببرامج التدريب ودعم المشروعات الصغيرة لتشجيع الخريجين والخريجات للنجاح والمساهمة في تطوير أعمالهم ودخول عالم القطاع الخاص.
ثانيا:- الجوانب الاجتماعية:
نستطيع من خلال المسؤوليه المجتمعية للقطاع الخاص تخصيص نسبة من الأرباح لدعم المؤسسات الخيرية ودعم مؤسسات العمل الخيري لتأدية أعمالها ودعم البحوث الاجتماعية التي تعمل على دراسة المشكلات الاجتماعية.
ــ إنشاء مراكز لكبار السن وخاصة لمن ليس لديهم اسر ترعاهم بحيث تعمل هذه المراكز على توفير جميع احتياجاتهم الخاصة وإنشاء أندية اجتماعية في الأحياء لممارسة هواياتهم الخاصة الآباء مع أبنائهم والأمهات مع بناتهن بحيث تحافظ على الخصوصية للأسرة وهذه لها أبعاد اجتماعية لسكان الحي وأبعاد نفسية عند ممارسة الآباء والأمهات اهتماماتهم الرياضية مع أبنائهم كما أن هذه الأندية تقدم مجموعة من المهارات الاجتماعية للأسرة وخاصة في ظل عدم مقدرة المدرسة لهذه الخدمات للطلاب والطالبات.
ــ و إنشاء مراكز خاصة للأيتام وتوفير جميع احتياجاتهم اليومية وتوفير المشرفات الاجتماعيات ومراكز للعب والترفيه وبناء منازل للأرامل والمطلقات مناسبة المساحة والخدمات بحيث يشعر جميع أفراد المجتمع بأنهم أسرة واحدة.
ــ إنشاء مراكز لمكافحة التدخين من خلال وجود العيادات المتخصصة للعلاج وتقديم البرامج التي تساهم في الوقاية من التدخين وإنشاء مراكز للعلاج من الإدمان طويلة المدى ورعاية المدمن حتى بعد شفائه، وإنشاء قاعات للأفراح تكون شبه مجانية لمساعدة الراغبين في الزواج، وإيجاد فرص عمل للمواطنين والمواطنات في القطاع الخاص.
ثالثا:- الجوانب الثقافية:
1 ــ نستطيع من خلال المسؤوليه المجتمعية للقطاع الخاص إنشاء مراكز ثقافية تهتم بنشر الثقافة مثل إنشاء المكتبات العامة والمراكز الثقافية التي تنظم الندوات الأدبية والعلمية ورعاية وتنظيم المؤتمرات التي تقام في الدولة.
2 ــ دعم الجوائز الوطنية والعلمية التي تقام في الإمارات وإيجاد جوائز خاصة بالمثقفين الذين قدموا خدمات للوطن.
3 ــ و دعم البرامج التي تهتم بالتراث من خلال تشجيع المجتمع على الحفاظ على تراثهم.
رابعا:- الجوانب الصحية:
ــ بناء المستشفيات والمستوصفات والمشاركة في الحملات الصحية ورعاية المؤتمرات الطبية وإنشاء الكليات الصحية المتخصصة.
ــ تأسيس إدارة مختصة بالمسؤولية المجتمعية، وإدخال مفهوم المسؤوليه المجتمعية في مؤسساتنا التعليمية وتحديد العلاقة بين العمل الخيري والمسؤوليه المجتمعية.
ــ تخصيص وسام ذهبي وماسي لرجال وسيدات الأعمال والشركات الداعمة للمسؤولية المجتمعية، وإقامة المؤتمرات وورش العمل على مستوى مؤسسات المجتمع للتعريف بالمسؤوليه المجتمعية وخاصة القطاع الخاص.
ــ وضع آليات خاصة لتنظيم عمل المسؤولية المجتمعية من خلال بيوت الخبرة المتخصصة وقيام مؤسسات القطاع الخاص بوضع ميزانيات مخصصة للمسؤولية المجتمعية من أرباحها السنوية.
ــ اعتبار المسؤولية المجتمعية هدفا من أهداف القطاع الخاص وتشجيع المؤسسات التي تعمل على دعم المسؤولية المجتمعية وأهمية الشراكة بين مؤسسات القطاع الحكومي والخاص في العمل على تنمية المسؤولية المجتمعية وأهمية التزام الشركات بتقديم برامج مجتمعية.
إن المتأمل في دور القطاع الخاص في وطننا يدرك انه يتكون من مجموعة من رجال ونساء الأعمال الفاعلين والمؤثرين إذ يوجد عدد كبير من الذين يرغبون عمل الخير من خلال قنواته الرسمية ولكن قد يعذر البعض في ضعف دوره في تنمية المسؤوليه المجتمعية بسبب عدم معرفته بالآليات التي يمكن أن يقدمها لذا أرى أن كل رجل وسيدة أعمال يستطيع أن يشارك في التنمية المستدامة من خلال المشاركة في الجوانب التعليمية والاجتماعية والصحية السابق ذكرها حتى يساهم القطاع الخاص في النهضة الحضارية التي يعيشها وطننا.
نبضة: المسؤولية المجتمعية قيم ومشاعر تتحرك في جسد كل إنسان لكي يصبح له بصمة ذهبية في حياته وبعد مماته