أهم التحديات المستقبلية، تحدي الاندماج في سلاسل القيمة العالمية

أهم التحديات المستقبلية، تحدي الاندماج في سلاسل القيمة العالمية

أهم التحديات المستقبلية، تحدي الاندماج في سلاسل القيمة العالمية.
بقلم أمين سامي، خبير الاستراتيجية وقيادة التغيير

لم يكـن النمـو الإقتصـادي في البلدان العربية بالتوازن  المرجو لتلبية الطلب على فـرص العمل المنتجة والعمل اللائق. فالتخطيط الاقتصادي يكاد يكون في معزل عن السياسـات الاجتماعية وهياكل الحوكمة التي يمكن أن تعزز المسـاواة وتحقـق الازدهـار. وبالتالي يـؤدّي الإفراط في الاعتماد على النفط في دول الخليج والفوسفاط في بعض البلدان العربية، وهيمنة القطاعات المتدنيّة الإنتاجية، وسـوق العمل المحفوفة بالعديد من الإشـكاليات، إلى المزيد من العوائق أمام جهود التقدم في تحقيق النمو المسـتدام الذي يصون رفاه الإنسـان والكوكب.
وقد بـات مـن الضـروري اليوم إحـداث نقلة جذرية في التفكير والتخطيط الإقتصادييْن، من أجل إحداث تحوّل هيكلـي اقتصادي في المنطقة لدفع التقدم نحو أهداف التنمية المستدامة ومواكبة عصر التحول الرقمي واقتصاد المعرفة.
إن العالم اليوم عرف تحولات كبيرة في عدة مجالات منها الصناعية و الاقتصادية و الاجتماعية والسياسية وغيرها،… وبالتالي تغيرت الأنساق والوضعيات داخل المجتمعات والدول، ضف على ذلك بروز تحديات جديدة منها : الأمن المائي والطاقي و الغذائي، تحدي التغير المناخي، تحدي تكنولوجيات القطيعة … كل هذه التحديات أدت إلى التعجيل والتسريع بإعادة النظر في النموذج الاقتصادي العالمي المعتمد على الطاقة الأحفورية والانتقال إلى نموذج اقتصادي عالمي جديد يعتمد على الاقتصاد الأخضر والاقتصاد الدائري والطاقات المتجددة وهي كلها مسميات تحيل على الطاقات النظيفة، ومع تغير النموذج الاقتصادي تتغير بطبيعة الحال الصناعات وتتطور وتظهر صناعات مستقبلية جديدة وهذا ناتج عن تغير في سلاسل القيمة العالمية لأنها هي الأساس. وبالتالي السؤال الذي يطرح نفسه بشدة لماذا يعتبر تحدي الاندماج في سلاسل القيمة العالمية تحدي بالنسبة للدول النامية؟ وماهي الأسباب التي تعرقل المنطقة العربية في الاندماج في سلاسل القيمة العالمية؟.

إن التحول الرقمي المتسارع الذي نعيشه اليوم والذي يعتبر بداية دورة تاريخية جديدة يؤكد بالملموس أننا أمام تحدي جديد، وصناعة جديدة مختلفة تماما عن الصناعات التي هي موجودة الآن ونظرا لضعف البنية التحتية للدول النامية و الاقتصادات الهشة و البطالة المرتفعة و غياب إستراتيجية للابتكار و التجديد وضعف وهزالة الموارد المالية المخصصة للبحث والتطوير والاستثمار … كلها هذا يضعنا أننا أمام تحدي جديد ليس كباقي التحديات. فبوادر النموذج الاقتصادي العالمي الجديد بدأت تظهر بشكل جلي وواضح خاصة بعد قرار منظمة أوبك بلس وأوبك بتخفيض إنتاجها من النفط مما أزعج الولايات المتحدة الأمريكية وهذا في ذاته لصالح الصين القوة العظمى الثانية اقتصاديا والمتطورة تكنولوجيا مما سيسرع عملية الانتقال نحو النموذج الاقتصادي العالمي الجديد المبني على التحول الرقمي واقتصاد المعرفة، ويعتبر القرار الأخير لمنظمة الأوبك ضربة موجعة للدول المعتمدة اقتصاداتها على الطاقة الأحفورية ولم تستطع بناء خيارات بديلة للطاقة ناهيك أن السرعة التي يسير بها العالم اليوم سرعة جنونية مردها انتشار الإنترنت و التطور التكنولوجي.
إن مواكبة النموذج العالمي الجديد والانخراط فيه يتطلب مواجهة تحدي الاندماج في سلاسل القيمة العالمية، هذه الأخيرة هي عصب تحريك العجلة الاقتصادية والاجتماعية في جميع الدول بدون استثناء، فأنظمة السوق المتقادمة في الدول الفقيرة والنامية، وانعدام الاستراتيجيات الاستثمارية الابتكارية، وعدم كفاية شبكة النقل واللوجستيك، والبنى التحتية اللوجستية المتهالكة والسياسات المالية الكلية المعتمدة على التضريب بشكل كبير جدا بدل خلق القيمة المضافة وتطوير الاقتصاد المحلي كلها عوامل تعوق التجارة في الدول الفقيرة والنامية ولا تسهل الاندماج الفعال في سلاسل القيمة العالمية.

مقالات ذات صلة

الردود

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *