أهم التحديات المستقبلية تحدي الإعتماد المتبادل
أهم التحديات المستقبلية: تحدي الإعتماد المتبادل
بقلم أمين سامي خبير الاستراتيجية وقيادة التغيير
تعتبر عبارة “الاعتماد المتبادل” أو “التعاون المتبادل” تعبير دقيق لأهم تحدٍ ينتظر الأفراد والمنظمات والدول في القرن الواحد والعشرين. فتحدي “الاعتماد المتبادل” هو بتعبير آخر تحدي التهديدات المتبادلة، والفرص المتبادلة، والمصير المتبادل.
ومع التحولات الجوهرية العالمية التي أصبح العالم اليوم يعيشها أصبحت اليوم المنتجات الأساسية للعولمة والتقدم التكنولوجي.. دينامية ونسقية فيما بينها، وأصبحت التفاعلات مع بعضها معقدة وتتسم بالتبعية المتبادلة .
فنحن اليوم نعيش الربط والارتباط في أعلى صورهما عبر التاريخ، ربط ينقلنا من سفن خصوصياتنا إلى سفينة المصير المشترك، وسفينة الارتباط المتبادل.
بسبب “الاعتماد المتبادل” فقدت كل التحليلات السببية الخَطِّية أهميتها، وأصبحت الأهمية والقيمة للتفاعلات النسقية و التفاعلات المركبة، فالاعتماد المتبادل معناه عالم مترابط بشبكة من التفاعلات النسقية المعقدة، حيث كل شيء يؤثر في كل شيء ويتأثر بكل شيء.. فنحن الان وغدا سنعيش في منظومة متشابكة ومعقدة مثل خيوط كبة الصوف، بسبب هذا التحدي الذي سنواجهه مستقبلا أصبحت الفاتورة الاقتصادية لمعدلات البطالة المرتفعة تُسلّم مع فاتورة سياسية واجتماعية وثقافية وبيئية ويتم سداد كل الفواتير دفعة واحدة! ولقد أصبحت التغيّرات التكنولوجية الجذرية والسريعة من خلال تكنولوجيات القطيعة تُغَيّر شكل ومضمون كل شيء: الأسرة والتعليم والصحة والأمن والثقافة والزراعة والتجارة والمهن والصناعة والخدمات والسياسة والحوكمة.. كلّ شيء.
إن عالم التعاون المتبادل بمعنى آخر هو عالم تتبادل فيه الفرص والتهديدات التأثير والاعتماد، فتتعاظم الفرص لمن يتقن فن استغلالها، وتتعاظم التهديدات لمن لا يعرف كيف يتعامل معها، بحيث يمكن لحدث صغير في مدينة صغيرة أن يتسبب في وباء عالمي يؤدي إلى إغلاق عالمي.
إن العالم لم يعد يتكون من دول ومنظمات وأفراد فقط، وإنما أيضا وبدون مجال للشك من شبكات وقنوات التواصل والربط والارتباط بين هذه الدول والمنظمات والأفراد، المادية منها والافتراضية. ومن يدري ربما مستقبلا ستعطى لهذه الشبكات والقنوات أيضا العضوية في “هيئة الأمم ذات الاعتماد المتبادل” التي ستحمل شعار: “المزيد من الربط والارتباط على كوكب ينعم بالاعتماد المتبادل”!
قريبا سينتهي زمن العيش في مئات الدول والانتماء لمئات الثقافات.. وسنصبح، بوعي منا أو بدون وعي، نعيش في “دولة” واحدة وننتمي إلى “ثقافة” واحدة. أما الدول والثقافات المتعددة، التي تمثل الإرث التاريخي الغني والمتنوع للإنسانية المشتركة، فستصبح مجرد جثت.
إن نتائج هذا الربط والارتباط متعددة ومُرعبة، أهمها:
– نهاية الخصوصية وبالتالي أصبح اليوم اللعب على المكشوف في كل المجالات.
– نهاية التخصص؛ فالمستقبل للتكامل المعرفي، والتخصص المُعَزّز بالخلفية المعرفية المتنوعة.
– نهاية التجزيء والفصل والعزل؛ لم يعد بالإمكان تحليل مشكلة أو حلّها بمعزل عن المشكلات الأخرى، ولا عزل عامل بشكل مستقل عن العوامل الأخرى
الردود