الإستثمار بين اللعبة وشروط بناء اللعبة


الاستثمار بين اللعبة وشروط بناء اللعبة
بقلم : محمد أمين سامي خبير الاستراتيجية وقيادة التغيير.
التنمية أكبر تحدي من التحديات الماضية والحاضرة والمستقبلية، فكل حقبة تاريخية عرفت نوعية معينة من التنمية، فالحقبة التاريخية الأولى كانت الفلاحة هي الأساس وركيزة التنمية الأساسية، فيما شهدت الحقبة التاريخية الثانية تطورا ملحوظا هالة بعد اكتشاف الطاقة الأحفورية أصبحنا نتكلم عن التنمية الصناعية والصناعات البترولية ومعها تطورت الصناعات والخدمات واصبحنا نتكلم عن الصناعة الغذائية، …. فيما عرفت الحقبة التاريخية الثالثة تحولا كبيرا وشهدت طفرة نوعية في مجال التنمية خاصة بعد اختراع الحاسوب ودخول عالم الرقمنة فتحولت الصناعات بشكل كبير وتطورت الوظائف وشهدت الاستثمارات تطورا ملحوظا وظهرت فرص جديدة للاستثمار في مجال أصبح أكثر حيوية واستراتيجية وبالتالي تطورت التنمية لتواكب الموجة الحضارية الثالثة، ونحن اليوم على مشارف الحقبة التاريخية الرابعة والتحول الرقمي المبنية على إقتصاد المعرفة والرقمنة بشكل كبير وأصبحت اليوم البيانات الضخمة والرقمنة الوقود الذي يحرك التنمية ويسرعها على مختلف الأصعدة. فأصبحنا نتكلم عن التنمية المستدامة والثقافية والاقتصادية والرياضية والاجتماعية والصناعية والسياحية والفلاحية و… إلى غير ذلك من مختلف أنواع التنمية وظهرت مؤشرات وقياسات مرتبطة بقياس كل نوع من انواع التنمية ناهيك إلى برامج عمل واستراتيجيات وطنية ودولية وعقد شراكات واتفاقيات دولية ووطنية وتقديم امتيازات وشروط خاصة وتفضيلية وتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي كل هذا من أجل تحقيق التنمية بمختلف مستوياتها.
ان الاستثمار هو الوقود والمحرك الأساسي والاستراتيجي للتنمية فهو محرك للصناعات والخدمات برمتها وأكبر دليل على ذلك هي الحروب والازمات المصطنعة التي تساهم في تحريك الاستثمار وتطوير قطاعات حيوية على حساب قطاعات أخرى، فالحروب محرك أساسي ومصيري لتطوير الصناعات الحربية والعسكرية ودفع العديد من الدول والمنظمات لشراء المزيد من العتاد العسكري للحفاظ على أمنها واستقرارها في مواجهة التحديات المستقبلية، كما تعتبر الحروب محركا استراتيجيا لقطاع البناء والبنية التحتية حيث تساهم بشكل فعال في تطوير قطاع البناء والبنية التحتية وظهور فرص جديدة للاستثمار وتطور شركات جديدة و… كما يستفيد قطاع السيارات واللوجستيك و الفلاحة والصناعة الغذائية و الصناعة الدوائية … من الحروب والازمات فهي المحرك الأساسي للاستثمار.
ان اغلب المستثمرين الماكرين يستثمرون في شروط بناء اللعبة ولا يستثمرون في اللعبة لأن هدفهم الأساسي هو السيطرة والتحكم في القطاع المستثمر فيه وتحديد شروط اللعب فيه، فهم لا يلعبون بل يضعون شروط اللعب وبذلك يحققون أكبر المكاسب بدون عناء لأن تلك الشروط تحقق لهم مكاسب مالية بمليارات الدولارات دون عناء فهم لا يبحثون عن التسويق من أجل رفع رقم المعاملات أو تطوير خدمة أو منتوج من أجل تعزيز المكانة التنافسية أو البحث عن الجودة،… كل هذه الأمور بالنسبة لهم تافهة ولا قيمة لها وهذه الأخيرة تشكل حواجز بالنسبة للاعبين المزيفين في الملعب أما اللاعبين الحقيقين فهم يقومون بصنع اللعبة والملعب وأدوات اللعب واللاعبين الظاهرين أما اللاعبين الحقيقيين فهم صانعو الألعاب ومحركو الدمى فما نراه اليوم من صراع وتنافس في مختلف المجالات هو صراع الوكلاء المحليين وليس صراع اللاعبين الكبار.
الردود