الابتكار في كل مكان
الابتكار في كل مكان
في بحثنا المستمر عن التطور والرقي والتميز في مجتمعاتنا وأعمالنا وخدماتنا وتنميتها، برزت أهمية ابتكار أو إيجاد أشياء (منتجات، خدمات، عمليات وأنظمة) جديدة ومميزة أو تحسين الأشياء الموجودة أصلاَ لتصبح بشكل أفضل أو تقدم أداءاً أفضل. فيبرز السؤال الجوهري عن ماهية الابتكار، وما علاقة الابتكار بالإبداع، وماهي الفوائد المرجوة من الابتكار وكيف نبتكر وما هي أبرز الفرص والتحديات في مجال الابتكار؟
لا يوجد هناك تعريف محدد للإبتكار، لذلك تعددت تعريفاته فمنهم من يعرَف الابتكار على أنه تحويل الشيء القديم إلى شيء جديد، ومنهم من يعرف الابتكار على أنه التغيير في الأداء الذي يتفوق على الممارسة السابقة وغيرها من التعريفات. فنجد أن أقرب تعريف للإبتكار هو الحصول من الأشياء الموجودة على شيء جديد أكثر إبداعاً. وهنا يظهر الربط بين الابتكار والإبداع،
الإبداع والابتكار متشابهان إلى حد كبير فالمبدأ الذي يقومان عليه واحد وهو خلق أشياء أو قيمة جديدة من الأشياء الموجودة أصلاً فهو تنظيم الأفكار وظهورها في بناء جديد إنطلاقاً من عناصر موجودة. فنجد أن الهدف الأساسي من عملية الإبداع والابتكار هو التطوير وتلبية الحاجات المتغيرة، والتي أصبحت تتغير بسرعة كبيرة في عصرنا الحالي، بقصد سد حاجات متجددة أو تحقيق رغبات أو حل مشكلات قائمة أو حتى متوقعة من واقع قراءة المستقبل، ويستخدم هذا غالباً في مجالات العمل المختلفة في القطاعين العام والخاص. لكل ذلك تبرز أهمية الابتكار بشكل متنامي في المجتمعات والأعمال ومختلف القطاعات. والابتكار يمكن تطبيقه في كل شيء تقريباً، في الجانب التقني والطبي والتجاري والصناعي والسياحي والتعليمي والمجتمعي
تنبع أهمية الابتكار من الحاجة المتكررة للتجديد، تحقيق التنافسية في الأعمال، دعم التوجهات الإستراتيجية للدول والحكومات كما للشركات والمؤسسات ولا تقل أهمية الابتكار للمجتمعات لأنه يساهم بشكل كبير في تعظيم المعرفة المجتمعية، كما تسهم الأفكار المبتكرة والإبداعية في إيجاد حلول لمشاكل البطالة والفقر وكفاءة إستغلال الموارد الطبيعية، كما يبين قدرة المجتمع على مواجهة التحديات المتنامية في العصر الحالي وبذلك يمكن أن يكون الابتكار أحد عوامل التطور والنهضة للأمم. فكيف نبتكر للوصول لهذه الفوائد العظيمة؟
هناك عدة طرق وأدوات للإبتكار يمكن تعلمها وإستخدامها لتحقيق الغاية منه وتختلف هذه الأدوات والطرق بإختلاف الأهداف والحاجات للمؤسسات والأعمال. من أدوات الابتكار المعروفة استخدام ورش الإبداع والعصف الذهني لشحذ الأفكار الجديدة حول موضوع معين بواسطة مجموعة من الأشخاص يتشاركون نفس المشكلة أو الرغبة ويتم إستخلاص الأفكار من هذه الجلسات والورش والعمل عليها. كذلك يمكن إستخدام طريقة الابتكار السريع للأفكار وهو التفكير في موضوع معين بطريقة مختلفة مثل (الإنقلاب والتكامل والتمديد والتفاضل والإضافة والطرح وغيرها). ومن الأدوات الشائعة الاستخدام في الابتكار طريقة قبعات التفكير وهي مبنية أيضاً على تشارك فريق العمل أو مجموعة الأشخاص المهتمين بأمر معين لأفكارهم لإيجاد طرق جديدة للقيام بعمل معين أو تغيير في نتائجه.
تواجه إدارة الابتكار مجموعة من التحديات تكاد تكون بحجم الفرص التي يوفرها وذلك لإرتباطه بعوامل متعددة سياسية ومجتمعية ونفسية ودينية وبيئية وغيرها لها تأثير واضح عليه. بالنسبة للعوامل السياسية نجد أنها تختلف من حيث تأثيرها على الابتكار بقدر تعامل هذه الأنظمة السياسية مع عملية الابتكار فيكون التأثير إيجابياً عندما ترعى هذه الأنظمة عمليات الابتكار وتوفر لها الدعم والرعاية والتمويل اللازم
ونلحظ ذلك في الاهتمام المتزايد بالابتكار في دولة الإمارات العربية المتحدة وتوفير كل السبل والموارد للاستفادة منه في تنمية الدولة ورفاهية المجتمع والنظرة الإيجابية للمستقبل. ويكون التأثير سلبياً على الابتكار في ظل الأنظمة السياسية التي تضيق على المبتكرين وتلاحقهم وتتخلص منهم أو تهجًرهم إلى بلاد أخرى. بالنسبة لتأثير العوامل الاجتماعية فهو يعتمد على وعي المجتمع بأهمية الابتكار والإبداع من عدمه. أما بالنسبة للعوامل البيئية فيمكن لجغرافيا المكان وطريقة العيش للسكان ومدى وعيهم بأهمية الابتكار أن تجعل التأثير غير محفز للإبتكار والإبداع. لذلك نجد أن الابتكار ينمو ويزدهر ويحقق أشياء عظيمة عندما تتوفر شروط التفكير الحر والوعي والموارد والدعم والنظرة المتفائلة للمستقبل.
اهتمت دولة الإمارات العربية المتحدة بالابتكار كجزء من أدوات تحقيق التميز المؤسسي في الجهات الحكومية وذلك بتبني نهج الابتكار في تحقيق غاياتها وأهدافها المستقبلية وتمكين مواردها البشرية من تحقيق نتائج أكبر من إمكانياتها الحالية للوصول إلى مستوى التميز والريادة. تجعل الجهة الراغبة في تحقيق التميز على المستوى المؤسسي من الابتكار نهج وثقافة يتبناها الجميع بهدف تميز أعمالها كما تهدف إلى تحسين جودة الحياة وحتى يصبح الابتكار أحد روافد المعرفة والخبرة التراكمية الداعمة لبيئة العمل الحكومي.
الردود