زمن الأزمات المصطنعة

زمن الأزمات المصطنعة

زمن الأزمات المصطنعة
بقلم محمد أمين سامي خبير الاستراتيجية وقيادة التغيير

السرعة،التعقيد،الكفاءة المتميزة، الاستدامة،سلاسل القيمة العالمية… كلها تحديات جديدة مستقبلية نحن بصدد الدخول إليها ولكن هل باستراتيجية الرائد المتحدي ام باستراتيجية التابع المسحوب؟

المتأمل للواقع الجديد الذي فرضه عصر إقتصاد المعرفة والرقمنة يجد نفسه أمام مواجهة المجهول بدون سابق إنذار في مواجهة أزمات كثيرة منها ماهو طبيعي ولكن اغلبها مصطنع، ولا نخفيكم القول أننا نعيش في “زمن الأزمات المصطنعة”.

إن الأزمات الحالية والمستقبلية معظمها مصطنع خاضع لإملاءات الصناديق والبنوك الدولية وتحالفات الدول العظمى والمتقدمة من أجل إحداث فوضى خلاقة هدفها وقف تطور المجتمعات التي بدأت تستفيق وبدأت تحلل وتفهم شروط اللعبة الجديدة فالماكر يستخدم نفس أسلوب المكر والخداع الذي أثبت فعاليته ونجاعته في السيطرة على الشعوب الضعيفة والنامية وبالتالي فالظواهر التاريخية تتكرر ولكن بتمظهرات مختلفة تماما. وما يتبث أننا في زمن الأزمات المصطنعة هو توالي الأزمات وراء بعض بدون سابق إنذار فما تكاد أزمة تنتهي وتبدأ بوادر الانفراج تلوح في الأفق حتى نسمع عن ظهور وباء جديد أو فيروس قاتل أو زلزال مدمر، أو حرب معلنة بدون سابق إنذار أو فيضان إلى غير ذلك من الأزمات التي أصبحنا نتأكد بالملموس أننا في زمن الأزمات المصطنعة فلقد عشنا أزمة كورونا فيروس وتداعياتها الاجتماعية والسياسية والثقافية والأسرية والاقتصادية… وعشنا معاها تطور الفيروس وظهور سلالات جديدة حتى أصبحنا نتعايش معها، فبمجرد ظهور الارهاصات الأولى للقاح وظهور بوادر الانفراج التي عطلت الحركة الاقتصادية العالمية والنموذج التنموي العالمي وساهمت في رفع مستويات التضخم وتعثر معدلات النمو ووصول أسعار البترول إلى أدنى مستوياتها على الاطلاق، حتى بدأت بوادر الحرب الاكرو-الروسية وازمة اشتعال أسعار النفط والقمح نتيجة الحرب وظهور التحالفات مما أثر بشكل جلي على الاقتصادات المحلية للدول النامية التي زادت الحرب من حدة تعثرها بل واغراقها في المزيد من الديون من طرف الصناديق والبنوك الدولية من أجل التخفيف من وطأة أزمة كورونا فيروس والحرب معا.

ومع استمرار الحرب شهدت أسعار البترول تذبذبا بين مرتفع ومنخفض حتى نفاجئ بقرار صادم هو تخفيض إنتاج النفط في المرة الأولى والمرة الثانية وهذه المرة صراع الجبابرة بين منظمة أوبك وأوبك بلس والولايات المتحدة الأمريكية فالقرار الأخير لمنظمة الأوبك والذي تتزعمه السعودية وروسيا واعيون جيدا بأن الولايات المتحدة الأمريكية بدأت تفقد مخزونها الاستراتيجي الاحتياطي الذي بدأ في النفاذ بسبب دعمها لأوروبا والحرب الاكرو-الروسية، وبالتالي فالغرض من تخفيض الإنتاج هو رفع سعر النفط ليصل إلى 100 دولار للبرميل وبالتالي استفادت الدول المنتجة للنفط والمصدرة من عائدات جد مهمة وهذا سيمنحها مكانة جيواستراتيجية في المنطقة.

كل هذه الأمور وغيرها جعلت العالم اليوم يعيش حالة من الفوضى الخلاقة والازمات المصطنعة مما أثر بشكل جلي على الاقتصاد العالمي والاقتصادات المحلية لمختلف بلدان العالم وارتفاع المديونية ومستويات التضخم إلى أرقام قياسية ناهيك عن الزيادة في الأسعار وارتفاع الطلب الداخلي وضعف العرض المحلي كل هذه الأمور تصب من أجل إعادة تشكيل الخريطة العالمية الجديدة.

مقالات ذات صلة

الردود

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *